ما يؤخذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم


ما يؤخذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم :

أما قولك يا زكريا أوزون :"و هنا يقول قائل و لكن النبي هو أو ل من صلى الصلاة التي نراها و فصل أوقاتها و عدد ركعاتها و هو أول من حدد نسبة الزكا إثنا و نصف في المائة  للفقراء!! و تأتي الإجابة :نعم! ولذلك قال تعالى   و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و أطيعوا الرسول... .
و هو ما يدل على أن هذين القولين فقط هما مما يؤخذان عنه، و قد حصلنا عليهما عن طريق السنة الفعلية المتواترة (و ليس السنة القولية)".
قلتُ: هذا الطرح لا يستقيم من عدة وجوه:
أولاً:بينا آنفا بطلان كلامك السابق الذي بنيت عليه هذا الأصل في أن السنة لا يؤخذ منها إلا حديثين اثنين-، و ما بني على باطل فهو باطل و لا يصلح للاستدلال، ثم اثبت لنا إن طاعة الرسول {و اطيعوا الرسول } المذكورة في الآية أعلاه محصورة في هذين الأمرين فقط!
ثانياً:حتى لو وافقنا معك  من باب الجدل - أن معظم السنة التي و صلتنا في آداب المأكل و المشرب و الملبس  ...الخ؛ فهذا ليس فيه دليل على وجوب إسقاط السنة كمصدر للتشريع عوضاً عن إسقاطها كروايات عن النبي ؛ و هذا معلوم عند أهل الفن و لا حاجة لإطالة الكلام فيه. 
 ثالثاً:طرحك أعلاه ليس فيه دليل البتة على أن السنة القولية( المتواترة أو غير المتواترة) لا يؤخذ بها ؛و المتواتر الفعلي و القولي عن أهل العلم في هذا الفن :أنه متى صح الحديث قبل و عمل به سواء كان حديث متواتر أو حديث آحاد.
قال الإمام الذهبي : صح عن الشافعي أنه قال" إذا صح الحديث فاضربوا بقولي الحائط"، وقال الربيع سمعته يقول إذا رويت حديثاً صحيحاً فلم آخذ به فأشهدكم أن عقلي قد ذهب .(تذكرة الحفاظ  ج 1   ص 362)
و هو مذهب الأئمة الأربعة و أهل الحديث ومن تبعهم.
و الخبر المقبول -حسب مصطلح الحديث-  مبين تعريفه في الفقرة أدناه و ليس ميزان القبول و الرد المعقول و غير المعقول، أو اتباع الهوى، و التقليد ،أو التعصب ؛و لكن ما اصطلح عليه أهل الفن وفق القواعد التي قعدوها و الأصول التي أصلوها، ولم يكن علماً جاء من فراغ ،و لا يخالف هذه القواعد إلا شاذ  في نفسه ما فيها !  .
رابعاً:من يقول بقولك هذا من العلماء و أين توجد مثل هذه القواعد؟!!!
خامسا:تفريقك بين المتواتر الفعلي و المتواتر القولي، تفريقا تسقط به الثاني لا يصح لعدم تقديمك دليلاً علمياً عليه؛ علماً أنه لا فارق بينهما و إنما هو تقسيم اصطلاحي فقط؛ ففي الأول نَقَلَ لنا الرواة عمله  و في الثاني نقلوا لنا قوله  ولا فارق بينهما البتة من حيث النقل (القبول و الرد)؟!!! 
و الخبر ينقسم إلى مقبول و مردود؛فالخبر المقبول: هو الذي توفرت في شروط صحة الحديث، و المردود: هو الخبر الذي اختل فيه شرط من شروط الصحة.
شروط الخبر الصحيح: هو الحديث المتصل الإسناد من أوله إلى منتهاه بنقل العدل الضابط عن مثله ولا يكون فيه شذوذ ولا علة(توجيه النظر إلى أصول الأثر  ج 1   ص 180). هذه هي شروط قبول الخبر و رده ، و لن تستطيع يا زكريا أنت و من معك- أن تأتي بقاعدة علمية أو قول معتبر يذهب إلى ما ذهبت إليه،وأنا أستغرب و الله تطاول الناس من العامة على هذه العلوم الشرعية ،حتى أصبح هؤلاء و أمثالهم تطبع و تنشر لهم المقالات و الكتب ،و لو سألت أحدهم عن أي علم آخر لقال لا أدري  و أرشدك إلى أهله ؛أما إذا سألته عن أمور شرعية في الحديث، أو الفقه،أو التفسير؛ دس أنفه فيما لا يعلم و أفتاك بجهل ،و كل ذلك باسم حرية الرأي ،أو نبذ التعصب و التقليد ،أو باسم الاحتكام إلى العقل الذي بات يتخذ ستاراَ للطعن في شريعة المسلمين، فإلى الله المشتكى،و الله المستعان و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. 
سادساً:ربطتَ استدلالك على قبول الحديثين المذكورين آنفا بالآية القرآنية :و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و أطيعوا الرسول...فإن كان هذا شرط أو دلالة لقبول الأحاديث؛ فإن الآية نفسها التي استدللت بها فيها دليل على قبول جميع الأحاديث النبوية الشريفة ثم أن الأحاديث كلها تندرج تحت نصوص القرآن العزيز- لله الحمد و المنة- و القرآن و السنة لا ينفصلان عن بعضهما البعض:عن  الْعِرْبَاضَ بن سَارِيَةَ  قال: وَعَظَنَا رسول اللَّهِ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ منها الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ منها الْقُلُوبُ؛ فَقُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هذه لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قال:» قد تَرَكْتُكُمْ على الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عنها بَعْدِي إلا هَالِكٌ؛ من يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا؛ فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ من سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عليها بِالنَّوَاجِذِ» (أخرجه ابن ماجة (1/16)، و الترمذي (5/44) و صححه الشيخ الألباني، وأخرجه أحمد (4/126)و غيرهم عن العرباض بن سارية.) .
و من الآيات الدالة على قبول الأحاديث - حسب استدلالكَ - على سبيل المثال  لا الحصر:
قوله تعالى:وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ(سورة البقرة: 196) ،و وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ(سورة البقرة: 187) ،و  الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ(سورة النور :2 )، و  وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا (سورة المائدة : 38)،و قوله تعالى:  فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ (سورة النساء : 3)، أما بالجملة و من غير تفصيل أو تقسيم أو تبويب فقهي للأحاديث فخير دليل على وجوب الأخذ بالسنة  كلها، قوله تعالى :{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } الحشر ٧ 
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } آل عمران ٣١.
سابعاً: قولك في السنة" أنها ليست  وحياً من الله- تعالى" ثم إقرارك أنها أو بعض منها وحي من الله تعالى؛ كما فعلت مع الحديثين المذكورين آنفا خير دليل على تناقضك .
و الله الحمد و المنة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق